كتب محررو الجارديان أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على مقترح لإقامة 19 مستوطنة يهودية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، في خطوة تعكس تسارع وتيرة البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، وتهدد بصورة مباشرة إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الموافقة ترفع عدد المستوطنات الجديدة التي أُقرت خلال السنوات القليلة الماضية إلى 69 مستوطنة، وهو رقم قياسي جديد بحسب وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي يقود منذ سنوات حملة لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية.
توسع غير مسبوق في عهد الحكومة الحالية
أدى قرار المجلس الوزاري الأمني إلى زيادة عدد المستوطنات في الضفة الغربية بنحو 50 في المئة خلال فترة الحكومة الحالية. ففي عام 2022، بلغ عدد المستوطنات 141 مستوطنة، قبل أن يرتفع العدد إلى 210 مستوطنات بعد القرار الأخير، وفقًا لمعطيات منظمة «السلام الآن» الإسرائيلية المناهضة للاستيطان.
وشمل القرار الموافقة بأثر رجعي على تقنين عدد من البؤر الاستيطانية أو الأحياء التابعة لمستوطنات قائمة، إضافة إلى إنشاء مستوطنات جديدة على أراضٍ أُخلي منها فلسطينيون سابقًا، بحسب ما أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية. وتتفاوت أحجام المستوطنات بين مساكن فردية ومجمعات سكنية تضم أبراجًا متعددة الطوابق.
وأشارت الوزارة إلى أن من بين المستوطنات التي شملها التقنين مستوطنتي «كاديم» و«غانيم»، وهما اثنتان من أربع مستوطنات فككتها إسرائيل عام 2005 ضمن خطة الانسحاب من قطاع غزة. وسعت حكومات إسرائيلية متعاقبة إلى إعادة الاستيطان فيهما، خاصة بعد أن ألغت الحكومة في مارس 2023 قانونًا صدر عام 2005 ومنع الإسرائيليين من العودة إلى تلك المناطق.
توقيت سياسي ورسائل مقلقة
جاء القرار في وقت تضغط فيه الولايات المتحدة على إسرائيل وحركة حماس للمضي قدمًا في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر. ويتضمن المقترح الأميركي الحديث عن «مسار محتمل» نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو ما يرى مراقبون أن التوسع الاستيطاني يهدف عمليًا إلى إفشاله.
وتعتبر المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، إذ تسيطر إسرائيل منذ حرب عام 1967 على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وهي مناطق يطالب الفلسطينيون بإقامـة دولتهم عليها. واستقر أكثر من 500 ألف إسرائيلي يهودي في الضفة الغربية، إلى جانب أكثر من 200 ألف آخرين في القدس الشرقية المتنازع عليها.
وتضم الحكومة الإسرائيلية الحالية شخصيات بارزة من التيار اليميني المتطرف الداعم للاستيطان، من بينهم سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، وهو ما يفسر اندفاعها نحو توسيع رقعة المستوطنات رغم الانتقادات الدولية المتزايدة.
تصاعد العنف وتداعيات ميدانية
تزامن التوسع الاستيطاني مع تصاعد ملحوظ في هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة. وخلال موسم قطف الزيتون في أكتوبر، نفذ مستوطنون بمعدل ثماني هجمات يوميًا، وهو أعلى معدل منذ أن بدأ مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جمع البيانات عام 2006. واستمرت الهجمات في نوفمبر، حيث وثقت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 136 اعتداء إضافيًا حتى 24 من الشهر نفسه.
وشملت الاعتداءات إحراق سيارات، وتدنيس مساجد، ونهب منشآت صناعية، وتدمير محاصيل زراعية. واكتفت السلطات الإسرائيلية، بحسب التقرير، بإصدار إدانات متفرقة من دون اتخاذ إجراءات رادعة فعالة.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله مقتل فلسطينيين اثنين، أحدهما فتى يبلغ 16 عامًا، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي ليلة السبت في شمال الضفة الغربية. وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوده أطلقوا النار على «مسلحين» بعد تعرضهم لهجمات بالحجارة والمتفجرات في بلدتي قباطية وسيلة الحارثية.
وحددت وزارة الصحة الفلسطينية هوية الفتى القتيل في قباطية باسم ريان أبو معلا (16 عامًا)، فيما بثت وسائل إعلام فلسطينية تسجيلًا مصورًا يظهر الشاب وهو يخرج من زقاق قبل أن تطلق القوات الإسرائيلية النار عليه من دون أن يبدو أنه ألقى أي شيء. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الحادثة قيد المراجعة، بينما عرّفت الوزارة القتيل الثاني باسم أحمد زيود (22 عامًا).
وتكثف إسرائيل عملياتها العسكرية في الضفة الغربية منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي قادته حماس وأشعل الحرب المستمرة في غزة، في سياق يعمّق التوتر ويزيد من هشاشة الأوضاع الميدانية والسياسية.
https://www.theguardian.com/world/2025/dec/21/israel-approves-new-jewish-settlements-occupied-west-bank

